أسباب تعب الأعصاب
بقلم: البابا شنودة الثالث
[يظن كثيرون ان تعب الاعصاب خاص فقط بخطية الغضب, علي
اعتبار ان النرفزة مشتقة من كلمةNERVE بمعني غضب, علي ان هناك اسبابا
كثيرة لتعب الاعصاب نذكر منها.
فربما يكون سبب تعب الاعصاب مرض جسدي, فأحيانا يحدث ان بعض العظام في
الجسد تضغط علي احد الاعصاب, كما يحدث في بعض امراض العمود الفقري, اذ
يضغط العظم علي الـSCIATICNERVE, فيشعر المريض بألم وتعب في اعصابه.
ويحدث ايضا ان يكون الانسان مرهقا جدا من التعب, وفي, حاجة الي الراحة
او الي النوم, وتكون اعصابه غير محتملة اي نوع من الجدل. وتكون
المناقشة معه في هذه الحالة عبارة عن ضغط علي اعصابه قد لايتحمله, ويظهر
امام غيره انه ضيق الصدر! لذلك نصيحتي لكل زوجة انها لاتضغط علي زوجها في
مناقشة وهو مرهق, وايضا لاتلح عليه وهو في مثل هذه الحالة, فإن تعبت
اعصابه من الجدل او الالحاح, وثار عليها او انتهرها او رفض الحديث
معها, فلا تتهمه بشدة او جفاء, انما تلوم نفسها لانها كلمته في وقت غير
مناسب وهو مرهق عصبيا.
ان الله تبارك اسمه يعرف مضار الارهاق وحاجة الجسد الي الراحة, ولذلك
منحنا يوم راحة في الاسبوع.
كذلك مما يتعب الاعصاب أكل لحوم لايزال فيها شيء من الدم. فالذي يأكل
لحما بدمه, تكون اعصابه اكثر اثارة, صدقوني حتي الوحوش ايضا من آكلة
اللحوم, يحرص المشرفون عليها في حديقة الحيوان علي ان يقدموا لها لحوما
مسلوقة. فإن أكلت لحما بدمه, من السهل ان تزداد وحشية.
هناك ايضا ألوان لها علاقة بالاعصاب, كاللون الاحمر مثلا, اما اللون
الاخضر فهو مهديء للاعصاب, لذلك تحرص بعض الدول علي ان تكون المناطق
السكنية محاطة بمساحات خضراءGREENAREA بالاضافة الي فوائدها الاخري.
نلاحظ ايضا ان الموسيقي علي انواع: منها ماهو مهدئ وماهو مسيء, وقد كان
الموسيقي الشهير بيتهوفن يستطيع ان يعزف لحنا يجعل السامع يثار وآخر
يهدئه, وهكذا يتلاعب بمشاعره كما يشاء. ومن المعروف ان موسيقي الجيش
تلهب المشاعر وتثير العواطف, وتوقظ الاعصاب وتشدها.. فاختر لنفسك لونا
من الموسيقي يشيع الهدوء في نفسك, كذلك يمكننا ان نقول ان نوع الطباع له
تأثير علي الاعصاب: فعلماء النفس يقسمون الطباع الي انواع: الناري,
والهوائي, والترابي, والمائي, فالنوع الناري هو اكثرها ثورة وجرأة
وانفعالا, واقربها الي الاثارة والاستثارة, وليس هذا الامر خاصا
بالافراد فقط, انما حتي بالشعوب. فيقال ان الشعب الفلان الفلاني بارد
بطبعه. حتي في فكاهاته, تكون فكاهاته باردة ايضا! ويقولون عن شعب آخر
انه زربون اي يثور بسرعة, لذلك بحسب نوعية الطبع تكون الاعصاب في تعبها
وراحتها.
مما يؤثر علي تعب الاعصاب ايضا اخطاء الاخرين التي قد تثير الاعصاب او
تتعبها. ومنها الكلام المتعب, وهو علي انواع: اطالة الكلام بدون
داع, بطريقة مملة تتعب الاعصاب. او التكرار مما لايحتمله الذهن او كثرة
المقدمات دون الدخول في الموضوع الا بعد ارهاق السامع. او شرح الشيء
المفهوم والواضح. كما لو كان المتكلم يتهم السامع بضيق الفكر.
وليس كل انسان سهلا في مناقشاته. فهناك نوع من النقاش مثير للاعصاب.
منه المغالطة في الكلام لمقاومة. واصرار المتكلم علي ترجيح رأيه مهما كان
مخطئا! وهنا يدخل في لون المغالطة غير المقبولة. وقد يمتزج في الجدل
بالكذب واختلاق الاسباب.
ومن اسباب تعب الاعصاب الاهانة التي تصدر من الاخرين, وبخاصة اذا كانت ضد
انسان متمسك بكرامته, ويدخل في موضوع الاهانة الاتهام الظالم والكلام
الموجع, وقد تكون الاهانة علي شكل نوع من المزاح الثقيل, الذي يخرج عن
حدود المزاح الي لون من الاستهزاء او التحقير او الاستهانة بكرامة
السامع, وربما تكون الاهانة بغير كلام, بالحركات او الاشارة او
الملامح.
ومما يثير الاعصاب ايضا الاحراج, وقد يكون ذلك بتقديم سؤال صعب
الاجابة, او بمحاولة جر السامع الي موضوع لايريد الحديث فيه, او يحرجه
الخوض فيه, وقد يكون الاحراج بكشف اسراره او اخباره, ويزداد الاحراج في
اتعاب الاعصاب, ان كان مقصودا, او امام مجموعة معينة يجرحه الاحراج
امامها.
ومن اسباب تعب الاعصاب العناد. سواء بمخالفة امر, او باستمرار
العصيان, او ان وصل الامر الي جو من التمرد والعناد المقصود, او التحدي
والاستهانة.
ومما يتعب الاعصاب جو النكد, وبخاصة لو ازداد او استمر ويشبه الشخص
النكدي الي حد ما الشخص الكشري الذي لاتستريح الاعصاب الي مجرد رؤية
ملامحه.
وتتعب الاعصاب ايضا كثرة الاحزان والضيقات. وايضا معاملة الاضطهاد من
الغير, وبخاصة لو كان مقصودا او مستمرا, وهكذا تتعب الاعصاب عموما:
الضغوط الخارجية التي ضد ضمير الانسان او حريته, او ضد امكانياته في
التنفيذ. ومنها الالحاح فهو يتعب الاعصاب باعتباره لونا اخر من الضغوط.
مما يتعب الاعصاب ايضا التسلط, سواء في محيط الاسرة او العمل. فالزوجة
مثلا تتعب اعصابها من الزوج المتسلط الذي يحد حريتها ويقيدها, كذلك يتعب
الاعصاب التعامل مع رئيس متسلط, لايعطي حرية للحركة, ويريد ان يكون كل
شيء بأذن وبتصريح منه.
نذكر ايضا في تعب الاعصاب: متاعب الاذكياء. فللاذكياء مستوي مرتفع في
العقل والتصرف. قد يتعب اعصابهم الاصطدام بمستوي اقل منهم بكثير. كأن
يتعاملون مع شخص بطيء الفهم, او عديم الفهم, او سييء التصرف فإن أخطأ
في الفهم او في التنفيذ, نري بعضا من الاذكياء يكثرون الانتهار لمساعديهم
أو العاملين تحت قيادتهم وهؤلاء أيضا تتعب أعصابهم من أوامر الاذكياء ومن
ردود فعلهم, نلاحظ ايضا ان الشخص الذي يتعب عصبيا قد ينقل تعبه الي غيره
بالعدوي. كما ان معاشرة الهادئين قد تنقل هدوءهم الي معاشريهم.[/b]