هذه اهم الموضوعات فى كتاب قداسة البابا شنودة الثالث
شريعة الزوجة الواحدة فى المسيحية
اصلى لله ان تكون بركة لكثيرين
اثبات شريعة الزوجة الواحدة فى المسيحية من
هكذا كان منذ البدء
اثنان ذكر وانثى
عندما اتى الكتبة يسألون السيد المسيح عن الطلاق ليجربوه قال لهم : ان موسى من اجل قساوة قلوبكم اذن لكم ان تطلقوا نساءكم ولكن من البدء لم يكن هكذا ( مت 19 : 18 )
يفهم من هذا ضمناً ان السيد المسيح يهم هان ترجع الامور الى ما كانت عليه منذ البدء لان النظام الذى وضعه الله للبشريه منذ البدء كان هو النظا الصالح لها واذا حادت البشرية عنه كان يجب ان ترجع اليه
وعبارة " من البدء " ذكرها السيد المسيح كذلك فى اول كلامه مع الكتبة والفريسيين ( مت 19 : 4 )
فما الذى كان منذ البدء ؟
قال لهم " اما قرائم ام الذى خلق من البدء خلقهما ذكراً وانثى "
وقال " من اجل هذا يترك الرجل اباه وامه ويلتصق بأمرته ويكون الاثنان جسداً واحداً ؟ اذن ليسا بعد اثنين بل واحداً فالذى جمعه الله لا يفرقه الانسان ( مت 19 : 4 ـ 6 )
هذا اذن هو الزواج المسيحى :
اثنان فقط ذكر وانثى
يجمعهما الله
فى وحدة عجيبة لا يصبحان فيها اثنين بل واحداً
ولا يستطيع انسان ان يفرقهما
نعم لا يستطيع جسد ثالث ان يدخل بينهما ويفرقهما ـ ولو الى حين ـ ليوجد له اتحاداً ـ الى حين ـ مع طرف منهما
وضع الهى منذ بدء الخليقة
فكرة ان يقوم الزواج بين اثنين فقط وان تكون للرجل امرأة واحدة لا غير ليست هى اذن فكرة جديدة اتت بها المسيحية وانما هى الوضع الاصلى للنظام الالهى الذى كان منذ البدء وكيف كان ذلك ؟
يقول سفر التكوين : " و قال الرب الاله ليس جيدا ان يكون ادم وحده فاصنع له معينا نظيره. و جبل الرب الاله من الارض كل حيوانات البرية و كل طيور السماء فاحضرها الى ادم ليرى ماذا يدعوها و كل ما دعا به ادم ذات نفس حية فهو اسمها. فدعا ادم باسماء جميع البهائم و طيور السماء و جميع حيوانات البرية و اما لنفسه فلم يجد معينا نظيره. فاوقع الرب الاله سباتا على ادم فنام فاخذ واحدة من اضلاعه و ملا مكانها لحما. و بنى الرب الاله الضلع التي اخذها من ادم امراة و احضرها الى ادم. فقال ادم هذه الان عظم من عظامي و لحم من لحمي هذه تدعى امراة لانها من امرء اخذت. لذلك يترك الرجل اباه و امه و يلتصق بامراته و يكونان جسدا واحدا. " ( تك 2 : 18 ـ 24 )
كانت الارض خالية من السكان وع ذلك فان الله الخالق الذى يريد ان تمتلئ الارض من البشر لم يصنع لآدم سوى زوجة واحدة وكان آدم بمفرده فى هذا الكون الواسع ومع ذلك فإن الله لم يخلق سوى معين واحد يشاركه حياته
وهكذا وضع الله بنفسه اسس الزواج الواحد monogamy وفى هذا يقول سفر التكوين ايضا عن الناس جميعاً ممثلين فى الزوجين الاولين " ذكراً وانثى خلقهم وباركهم الله وقال اثمروا واكثروا واملأوا الارض ... ( تك 1 : 27 ، 28 )
ويختم سفر التكوين هذا الوضع الالهى بعبارة " ورأى الله كل ما عمله فإذا هو حسن جداً وكان مساء وكان صباح يوماً سادساً " ( تك 1 : 31 )
تعليق القديسين والعلماء
وقد ترك هذا الوضع الالهى اثره فى قديسى وعلماء القرون الاولى من معلمى المسيحية فأفاضوا فى شرحه :
قال القديس ايرونيموس ( جيروم )
وذلك فى رسالته التى كتبها سنه 409 م الى اجيروشيا عن وحدة الزواج : [ ان خلق الانسان الاول يعلمنا ان نرفض ما هو اكثر من زيجة واحدة اذ لم يكن هناك غير آدم واحد وحواء واحدة ]
وقال قبل ذلك فى كتابه الذى وضعه سنة 393 م ضد جوفنيانوس : [ فى البدء تحول ضلع واحد الى زوجة واحدة وصار الاثنان جسداً واحداً وليس ثلاثة او اربعة والا كيف يصيرون اثنين اذا كانوا جملة ؟! ]
والعلامة ترتليانوس الذى عاش فى القرن الثانى الميلادى
تعرض لهذه النقطة فى كتابه " الى زوجته " Ad Uxorem فقال : [ كان آدم هو الزوج الوحيد لحواء وكانت حواء هى زوجته الوحيدة : رجل واحد لامرأة واحدة ]
ويفصل الامر فى كتابه " حث على العفة " فيقول ان اصل الجنس البشرى يزودنا بفكرة عن وحدة الزواج فقد وضع الله فى البدء مثالاً تحتذيه الاجيال المقبلة اذ صنع امرأة واحدة للرجل على الرغم من ان المادة لم تكن تنقصه لصنع اخريات ولا كانت تنقصه القدرة ومع ذلك فأزيد من امرأة واحدة لم يخلق الله [ يصير الاثنان جسداً واحداً ليس بعد ثلاثة او اربعة والا فلا يمكن ان يكونا اثنين فى جسد ]
ومن قبل جيروم وترتليانوس قال رسل السيد المسيح الاثنا عشر فى تعاليمهم ( الدسقولية) :
من بدء الخليقة اعطى الله امرأة واحدة ولهذا السبب فأن الاثنين جسداً واحداً
البشرية تكسر هذا الوضع الالهى :
هذا هو ما وضعه الله منذ البدء وما غرسه فى ضمير الانسان قبل ان يزوده بشريعة مكتوبة ولكن البشرية اخطأت وكسرت الوضع الالهى
وقايين الذى قتل اخاه هابيل فلعنه الله هو ونسله ظهر من نسله رجل قاتل ايضا اسمه " لامك " كان اول انسان ذكر عنه الكتاب المقدس انه تزوج اكثر من امرأة
اذ يقول سفر التكوين فى ذلك : " واتخذ لامك لنفسه امرأتين " ( تك 4 : 19 )
وفى ذلك يقول القديس ايرونيموس فى كتابه ضد جوفنيانوس [ لامك رجل دماء وقاتل كانت اول من قسم الجسد الواحد الى زوجتين ولكن قتل الاخ والزواج الثانى قد ازيلا بنفس العقاب الطوفان ]
وهذا هو الذى حدث فعلاً اذ انتشر الزنا فى الارض لان نعمة الزواج الذى اعطاها الله للبشر ليتوالدوا بها ويكثروا ويملأوا بها الارض ويخضعوها استغلوها استغلالاً سيئاً لإشباع شهوات جسدية فغضب الله واغرق الارض بالطوفان ومحا هذا الشر العظيم من على الارض لكيما يجددها فى طهارة مرة اخرى
الله يرجع المبدأ ..... ايام نوح :
والان لعلنا نسال : [ اى قانون وضعه الله للزواج بعد ان تطهرت الارض من الظلم والنجاسة ؟ ]
انه نفس القانون الذى قد وضعه منذ البدء وراى انه حسن جداً وهو قانون الزوجة الواحدة
يسجل سفر التكوين هذا الامر فيذكر ان الله قال لنوح : " فتدخل الفلك انت وبنوك وامرتك ونساء بنيك معك " ( تك 6 : 18 )
ان هذا النص صريح فى ان نوحاً كانت له امرأة واحدة ويؤيده كذلك قول الكتاب المقدس :" 15- و كلم الله نوحا قائلا. اخرج من الفلك انت و امراتك و بنوك و نساء بنيك معك. و كل الحيوانات التي معك من كل ذي جسد الطيور و البهائم و كل الدبابات التي تدب على الارض اخرجها معك و لتتوالد في الارض و تثمر و تكثر على الارض. فخرج نوح و بنوه و امراته و نساء بنيه معه. ( تك 8 : 15 ـ 18 )
وكما كان لنوح امرأة واحدة كذلك كان بنوه لكل منهم امرأة واحدة ايضا : " و كان بنو نوح الذين خرجوا من الفلك ساما و حاما و يافث و حام هو ابو كنعان. هؤلاء الثلاثة هم بنو نوح و من هؤلاء تشعبت كل الارض. ( تك 9 : 18 ، 19 )
نوح وبنوه الثلاثة كانوا اربعة رجال ولهم اربعة نساء فقط لكل رجل زوجة واحدة فيكون الجميع ثمانى انفس بشرية دخلت الفلك وهذا الامر يثبه القديس بطرس الرسول فى رسالته الاولى بآية صريحة ( ص3 : 20 ) قال فيها : " اذ عصت قديما حين كانت اناة الله تنتظر مرة في ايام نوح اذ كان الفلك يبنى الذي فيه خلص قليلون اي ثماني انفس بالماء. "
وايضا ورد هذا المعنى عينه فى سفر التكوين بنص صريح هو : " في ذلك اليوم عينه دخل نوح و سام و حام و يافث بنو نوح و امراة نوح و ثلاث نساء بنيه معهم الى الفلك. ( تك 7 : 13 )
بنفس شريعة " الزوجة الواحدة " جدد الله البشرية فى ايام نوح بينما كانت الارض خالية ـ كما فى ايام آدم ـ وكان الله يريد ان يملأها
وهذا واضح من قوله تعالى لنوح وبنيه كما قال لآدم من قبل : " و بارك الله نوحا و بنيه و قال لهم اثمروا و اكثروا و املاوا الارض. و لتكن خشيتكم و رهبتكم على كل حيوانات الارض و كل طيور السماء مع كل ما يدب على الارض و كل اسماك البحر قد دفعت الى ايديكم. ( تك 9 : 1 ، 2 )
كان الله يريد حقا ان تمتلئ الارض وتعمر ولكنه كان يريد ايضا ان يتم ذلك بطريق مقدسة تتفق والنظام الالهى الذى وضعه للزواج منذ البدء وهو قانون " الزوجة الواحدة "
حتى الحيوانات والطيور بنفس المبدأ :
حتى الحيوانات والطيور وضع لها نفس النظام عندما جدد الحياة على الارض وفى ذلك يسجل سفر التكوين امر الله لنوح : " و من كل حي من كل ذي جسد اثنين من كل تدخل الى الفلك لاستبقائها معك تكون ذكرا و انثى. من الطيور كاجناسها و من البهائم كاجناسها و من كل دبابات الارض كاجناسها اثنين من كل تدخل اليك لاستبقائها. ( تك 6 : 19 ، 20 )
وفعل نوح ذلك ودخل واسرته الى الفلك " هم و كل الوحوش كاجناسها و كل البهائم كاجناسها و كل الدبابات التي تدب على الارض كاجناسها و كل الطيور كاجناسها كل عصفور كل ذي جناح. و دخلت الى نوح الى الفلك اثنين اثنين من كل جسد فيه روح حياة. و الداخلات دخلت ذكرا و انثى من كل ذي جسد كما امره الله و اغلق الرب عليه. ( تك 7 : 14 ـ 16 )
نفس القانون نفذه الله على الحيوان والطير وان كان قد فرق فى الكمية لا فى القانون بالنسبة الى الحيوانات الطاهرة والنجسة فقال لنوخ من جميع البهائم الطاهرة تاخذ معك سبعة سبعة ذكرا و انثى و من البهائم التي ليست بطاهرة اثنين ذكرا و انثى. و من طيور السماء ايضا سبعة سبعة ذكرا و انثى لاستبقاء نسل على وجه كل الارض. ( 7 : 2 ، 3 )
وكانت الحكمة فى ذلك هى ان الحيوانات والطيور الطاهرة يجب ان يزيد عددها " مع الاحتفاظ بنفس الشريعة " لسببين
لكى تقدم منها ذبائح لله كما فعل نوح عندما خرج من الفلك ( تك 8 : 20 )
وايضا لتكون طعاماً فيما بعد ( تك 9 : 3 )
فأن كان الله قد وضع هذه الشريعة للحيوان الاعجم الذى لم يصل الى سمو الانسان فكم بالاولى تكون الشريعة المعطاه للانسان ؟!
تعليق القديسين والعلماء :
وهذا الامر لم يتركه قديسو الكنيسه وعلماؤها بدون تعليق
فقال القديس ايرونيموس :
[ وهكذا ايضا فى الفلك ـ الذى يفسره بطرس الرسول بانه مثال الكنيسة ـ ادخل نوح واولاده الثلاثة وزوجته وزوجة لكل واحد وليس اثنتين وبالمثل فى الحيوانات غير الطاهرة زوجاً واحداً اخذ ذكراً وانثى ليظهر ان الزواج الثانى ليس له مكان حتى بين الوحوش والدواب والتماسيح والسحالى ... ]
وقد علق القديس ترتليانوس فقال:
[ عندما ولد الجنس البشرى للمرة الثانية كانت وحدة الزواج للمرة الثانية ـ هى أمه واذ بأثنين فى جسد واحد يعودان فيثمران ويكثران .. نوح وامرأته مع بنيهما والكل فى وحدة زواج حتى بين الحيوانات امكن ملاحظة وحدة الزواج .....
وبنفس الشريعة امر بأختيار مجموعات من سبعة ازواج كل زوج ذكر وانثى ما الذى يمكن ان اقوله اكثر من هذا ؟! حتى ولا الطيور النجسة امكنها ان تدخل فى شركة زواج مع اثنتين ]
السيد المسيح يعمل على ارجاع ما كان منذ البدء :
هذا هو الوضع السامى الذى اراده الله للبشرية منذ البدء والذى فشل البشر مدة طويلة من الزمن فى الوصول اليه وهو نفس الوضع الذى علم به السيد المسيح ودعا الناس اليه موبخاً اياهم على ضعف مستواهم بقوله : " لم يكن هكذا منذ البدء " ( مت 19 : 8 ، مر 10 : 6 )
وقد صدق العلامة ترتليانوس فى قوله ان السيد المسيح عمل على ارجاع اشياء كثيرة الى ما كانت عليه منذ البدء فألغى الطلاق الذى لم يكن موجوداً منذ البدء وارجع وحدة الزواج الذى كانت منذ البدء ولم يقيد الانسان بالختان وبتحريم اطعمة معينة اذ لم تكن القيود موجودة منذ البدء .