كيف كُتب الكتاب المقدس؟
يتساءل الكثيرون عن خلفية الكتاب المقدس وأقسامه والمواد المستخدمة في كتابته. ويتناول هذا الفصل التعريف ببنية الكتاب المقدس وكيف تم جمعه.
1(ب) المواد المستخدمة في كتابة الكتاب المقدس:
1(ج) مواد الكتابة
1(د) ورق البردي
يعد السبب الرئيسي في عدم قدرتنا على الحصول على الكثير من المخطوطات القديمة (المخطوطة هي نسخة مكتوبة باليد للكتاب المقدس) استخدام مواد تبلى للكتابة. كتب ف.ف. بروس: كل المخطوطات الأصلية فقدت منذ زمن بعيد. ولم يكن بد من ذلك، إذ أنها كتبت على ورق البردي، ولأن ورق البردي لا يمكن أن يبقى لفترات طويلة إلا في ظل ظروف معينة. (Bruce, BP, 176)
ومن بين مواد الكتابة التي كانت متاحة في فترات كتابة الكتاب المقدس، يعد ورق البردي أشهرها، وكان يصنع من نبات البردي. كان هذا النبات ينمو في الأنهار والبحيرات الضحلة لمصر وسوريا. كانت ترسل شحنات كبيرة من ورق البردي عبر ميناء بيبلوس السوري. ويعتقد أن الكلمة اليونانية biblos التي تعني كتب قد أشتقت من اسم هذا الميناء. وجدير بالذكر أن الكلمة الإنجليزية Paper (التي تعني ورق) قد أشتقت من الكلمة اليونانية لورق البردي (Papyrus. Ewert, ATMT, 19-20)
ويقدم لنا تاريخ الكتاب المقدس الصادر عن جامعة كمبريدج شرحاً لطريقة إعداد ورق البردي للكتابة: كانت الأعواد تقشر وتقطع طولياً إلى شرائح رقيقة قبل أن تدق وتكبس معاً وتوضع كل طبقتين معاً بحيث تكون إحداهما طولية والأخرى مستعرضة فوقها. وبعد أن تجف ينعمون سطحها الأبيض بحجر أو غير ذلك من الأدوات. ويشير بليني إلى وجود نوعيات مختلفة ذات سُمك وأسطح متباينة من ورق البردي قبل عصر المملكة الجديدة عندما كان الورق رقيقاً جداً في أغلب الأحيان. (Greenlade, CHB, 30)
وترجع أقدم البرديات المعروفة لنا إلى عام 2400 ق.م. (Greenslee, INTTC, 19) كتبت أقدم المخطوطات على ورق البردي وكان من الصعب أن تعمر طويلاً إلا في الأماكن الجافة مثل صحاري مصر أو في الكهوف مثل كهوف قمران حيث اكتشفت مخطوطات البحر الميت.
ولقد كان ورق البردي شائع الاستخدام حتى القرن الثالث الميلادي تقريباً. (Greenlee, INTTC, 20)
2(د) الرقوق Parchment
وهذا الاسم يطلق على جلود الأغنام والماعز والغزلان وغيرها من الحيوانات. وهذه الجلود كان يتم إعدادها بنزع الشعر عنها وحكها حتى تصبح صالحة للكتابة عليها وتدوم طويلاً. ويضيف ف.ف. بروس أن كلمة Parchment اشتقت من اسم مدينة Pergamum برغامس في آسيا الصغرى لأن إنتاج هذه الرقوق المستخدمة في الكتابة كان في وقت ما يرتبط ارتباطاً خاصاً بهذا المكان. (Bruce, BP, 11)
3(د) الرق Vellum
وكان هذا الاسم يطلق على جلود العجول. وكانوا غالباً يصبغونه باللون الأرجواني. وبعض المخطوطات التي لدينا الآن عبارة عن رقوق أرجوانية من جلود العجول. وكانت الكتابة على هذه الرقوق تكون عادة باللون الذهبي أو الفضي.
ويقول ج. هارولد جرينلي أن أقدم المخطوطات الجلدية ترجع إلى حوالي 1500 ق.م. (Greenlee, INTTC, 21)
4(د) مواد الكتابة الأخرى
الفخار: وهو الفخار غير المصقول وكان شائعاً لدى العامة من الناس. والاسم الفني له هو الكسر الخزفية. ولـقد عـثر علـى الكثــير منـه فـي مصر وفلسطين. (أي 2 :
الأحجار
وعثر علماء الآثار على أحجار عادية عليها كتابة منحوتة بأقلام من حديد.
الألواح الطينيـة
وينـقـش علـيهـا بـأداة حادة وتجفف لتصبح سجلاً باقياً (إر17:13، خر4:1). وكانت هذه الألواح من أرخص مواد الكتابة وأكثرها دواماً.
الألواح الشمعية
وهي عبارة عن ألواح خشبية مسطحة عليها طبقة من الشمع يكتب عليها بأقلام معدنية خاصة.
2(ج) أدوات الكتابة
الأزميل
وهو عبارة عن أداة من الحديد تستخدم للحفر على الأحجار.
القلم المعدنى
وهو أداة مثلثة الجوانب مسطحة الرأس. وكانت تستخدم للنقش على الألواح الطينية والشمعية. ((Geisler, GIB, 228
القلم
وهو عبارة عن عود مدبب الرأس كان يصنع من نبات الأسل وطوله 6-16 بوصة ونهايته مشطوفة كالإزميل حتى يمكن كتابة الخطوط الرفيعة والسميكة بأحد الجانبين العريض أو الضيق. وقد استعمل أهل ما بين النهرين هذا القلم في العصور القديمة جداً. أما فكرة القلم الريشة فربما تكون قد ظهرت أولاً عند اليونان في القرن الثالث ق.م. (إر8:
(Greenslade, CHB, 31) وقد استخدم هذا القلم للكتابة على رقوق الحيوانات والعجول وعلى ورق البردي.
الحبر
وكان يصنع في العالم القديم عادة من الفحم والصمغ والماء. (Bruce, BP, 1.)
2(ب) أشكال الكتب القديمة
الدرج
وكان يصنع عن طريق لصق أوراق البردي معاً وطيها حول عصا. وكانت صعوبة الاستخدام تحد من طول الدرج. وكان يكتب على جانب واحد من الدرج عادة. وأحياناً كان يكتب على جانبي الدرج opisthograph (رؤ 5: 1) وبعض الأدراج وصل طولها إلى 144 قدماً. أما الدرج المتوسط الحجم فكان طوله يتراوح بين عشرين وخمسة وثلاثين قدماً. ولا عجب أن يقول كاليماخوس، أحد مصنِّفي الكتب المحترفين بمكتبة الإسكندرية قديماً: الكتاب الكبير مجلبة للتعب. (Metzger, TNT, 5)
الكتاب
لتسهيل القراءة كانت أوراق البردي تجمع معاً في كتاب ويكتب على جانبيها. ويقول جرينلي إن انتشار المسيحية كان السبب الرئيسي في ظهور هذا الشكل من الكتب.
3(ب) أنواع الكتابة
1(ج) كتابة الحروف البوصية
طبقاً لبروس ميتسجر، أحد علماء العهد الجديد فإن: الأعمال الأدبية ... كانت تكتب بشكل معين من أشكال الكتابة اليدوية يطلق عليها الحروف البوصية uncials. وتتميز هذه الكتابة بالتزام التأني والحرص عند نقش الحروف، حيث تتباعد الحروف عن بعضها البعض ويشبه ذلك كتابة الحروف الإنجليزية الكبيرة المنفصلة إلى حد ما. (Metzger, TNT, 9)
ويشير جايسلر ونيكس إلى أنه: تعتبر المخطوطات البوصية الرائعة التي ترجع إلى القرن الرابع الميلادي وما بعده من أهم مخطوطات العهد الجديد بوجه عام. وظهرت هذه المخطوطات في أعقاب اعتناق قسطنطين للمسيحية والسماح بنسخ الكتاب المقدس في مجمع نيقية (عام 325). (Geisler/Nix, GIB, 391)
ولعلَّ أقدم وأهم المخطوطات البوصية المخطوطة الفاتيكانية (حوالي 325-350م) والمخطوطة السينائية (حوالي 340م).
2(ج) كتابة الحروف الصغيرة
وهي كتابة بحروف أصغر وبخط متصل (مشبك) وقد استخدمت لإنتاج الكتب في بداية القرن التاسع الميلادي تقريباً.(Metzger, TNT, 9)
3(ج) المسافات وحروف العلة
كانت المخطوطات اليونانية تكتب بدون فواصل بين الكلمات، بينما كانت النصوص العبرية تكتب بدون حروف علة حتى أضافها المازوريون بين القرن الخامس والقرن العاشر الميلادي.
وقد يبدو هذا مستغرباً بالنسبة للقارئ الحديث، ولكن بالنسبة للقدماء ممن كانوا يتحدثون اليونانية أو العبرية كان هذا أمراً عادياً وكانت الكتابات مفهومة وواضحة. ولم يكن اليهود بحاجة إلى كتابة حروف العلَّة إذ أنهم تعلموا لغتهم وتعملوا كيف ينطقونها ويفسرونها.
كذلك لم يكن لدى الشعوب المتحدثة باليونانية أي مشكلة في قراءة لغتها بدون مسافات فاصلة بين الكلمات. ويوضح ميتسجر قائلاً: كانت هناك قاعدة في تلك اللغة، باستثناء بعض الحالات القليلة جداً، أن تنتهي الكلمات اليونانية بحرف علة (أو أكثر من حرف مركبة معاً) أو أحد الحروف الساكنة الثلاثة: V,P,S. ولا يجب الاعتقاد بأن الكتابة المتصلة كان بها صعوبات خاصة في القراءة، لأنه كان من المعتاد قديماً أن يقرأ المرء بصوت مرتفع، حتى ولو كان بمفرده. ومن ثم فإنه على الرغم من عدم وجود مسافات فاصلة بين الكلمات، كان المرء سرعان ما يعتاد على قراءة الكتابة المتصلة من خلال قراءة المرء على نفسه ما هو مكتوب مقطعاً بمقطع بصوت مرتفع. (Metzger, TNT, 13)