ثلاثيات الصعود
حالت أوقاتهما دون لقائهما ،
وتعذر اللقاء لكثرة الانشغال .
لكنهما، أخيراً ،تقابلا ،
احتضنا بعضهما وساحت دموعهما
ويدي كل منهما في ظهر بعضهما .
تضغطان بقدر اشتياقهما لبعضهما ..
تبادلا عبارات التحية والتهنئة بالعيد..
كوكو : اشتقت لصحبتك ولذيذ عشرتك ..
افتقدت حواراتك وإجاباتك .
الخــادم : أنت محفور في قلبي يا كوكو،
ذاكرك على الدوام في صلواتي .
وها قد التقينا ،
ولدىّ متسع من الوقت ،
فإن اتسع لديك أيضاً ، فأنا رهن إشارتك.
كوكو : أتعثر كثيراً فيفهم قول الرب يسوع
لنيقوديموس حينما جاءه ليلاً
" ليس أحد صعد إلى السماء إلا الذي نزل من السماء ،
ابن الإنسان الذي هو في السماء " يو 3 : 13
- ألم يصعد إيليا إلى السماء في المركبة النارية ؟
وأين يوجد اخنوخ الآن ؟
- ألم يصعد جسدالعذراء إلى السماء،
وقبله روحها الطاهرة؟
إذن لماذا يقتصر الصعود هنا على ابن الإنسان فقط؟
الخــادم : برافو يا كوكو ..
سأوضح لك المقصود من خلال إحدى
" ثلاثيات الصعود " .
فالكتاب المقدس يقدم لنا ثلاثة أنواع
مختلفة من الصعود إلى السماء :
1- أناس صعدوا بالروح والجسد ..
مثل أخنوخ الذي بعدما عاش 365 سنة وولدمتوشالح قال عنه الكتاب " أنه سار مع الله . ولم يوجد لأن الله أخذه "
تك 5 : 21 – 24
وأيضاً إيليا .. بينما هو يسير مع تلميذه أليشع " وإذا مركبة من نار وخيل مننار ، ففصلت بينهما ،
فصعد إيليا في العاصفة إلى السماء ...
" 2 مل 2 : 1 – 12
وهكذا نرى أن أخنوخ وإيليا لم يموتا إلى الآن .
مما جعل بعض المفسرين يقول :
أنهما المقصودان بــ " الزيتونتان والمنارتان
القائمتان أمام رب الأرض "
شاهدي الله .. وحينما تتم شهادتهما،
فالوحش الصاعد من الهاوية سيقتلهما
وتكون جثتاهما على شارع المدينة 3.5 يوم ،
وبعد ذلك
يدخل فيهما روح حياة من الله فيصعدان
إلى السماء في السحابة . رؤ 11 : 3 – 12
وهكذا ، فالموت لهذين النبيين هو قضية مؤجلة ،
فسوف يذوقان الموت ويتم قول الكتاب
" قد وُضع للناس أم يموتوا مرة ثم بعد ذلك الدينونة "
عب 9 : 27
2-أناس صعدوا بالروح دون الجسد ..
مثال بولس الرسول
الذي إختطف إلى السماء الثالثة ..
إلى الفردوس ...
وسمع كلمات لا يُنطق بها ولا يسوغ لإنسان أن يتكلم بها .
2 كو 12 : 1 – 7
كوكو : معذرة ! أظن ق. بولس نفسه لم يكن يعلم
إن كان في الجسد أما خارج الجسد
حينما اختطف ، وقد كرر ذلك مرتين.
الخــادم : لك حق يا كوكو .
فما رآه في السماء أنساه حتى حاله ،
وأضاع منها لإدراك الجسمانى الطبيعي .
لكن لاشك أن الإعلان كان روحياً .
وأيضاً ق. يوحنا الرسول ، بعدما نفاه
الإمبراطور هادريان إلى جزيرة بطمس،
يقول " كنت في الروح في يوم الرب
(يوم الأحد). وسمعت ورائي صوتاً عظيماً ... "
ورسم لنا بريشته صورة ما رآه في السماء ..
رؤ 1 : 1 – 20
3-أما النوع الثالث فهوصعود الروح ثم صعود الجسد ..
وهذا لم يحدث إلا مع شخصية واحدة في التاريخ،
هي أمنا العذراء الدائمة البتولية .
فلم يكن من اللائق أن يُترك جسدها في الأرض ،
وقدحمل في احشائه الله القدوس ،
لذلك بعد صعود روحها
( عيد نياحة العذراء 21 طوبة)نحتفل بتذكار
رؤية صعود جسدها في 16 مسرى ( فطر صوم العذراء).
انتبه يا كوكو ! في أنواع الصعود الثلاثة هذه ،
لم يصعد أحد إلى ما صعد إليه الرب يسوع ..
لم يصعد أحد إلى سماء السموات التي صعد إليها يسوع .
لم يصعد أحد إلى حضن الأب الذي خرج منه الإبن
ورجع إليه .. صعود المسيح هو صعود ليس له نظير ،
ولم يسبق له مثيل في كل التاريخ البشرى ،
قبل السيد المسيح وبعده ،
فالمسيح لم يصعد إلى مكان بل إلى مكانة !
هذا هو المقصود بالسماء في قول يسوع
" لم يصعد أحد إلى السماء ، إلا الذي نزل من السماء ... "
وبهذا القول ربما قصد المسيح أن يصحح مفهوماً خاطئاً
لدى اليهود وهو ظنهم أن موسى صعد إلى السماء
حيث تسلم الناموس ونزل به إلى إسرائيل .
كوكو : ومتى يتسنى لنا الدخول إلى سماء السموات ؟
الخــادم : بعدالقيامة العامة ، سيكون لنا ، بنعمة المسيح ،
مكان في السماء . والآن ، هل مازال تتعثرك هذه الآية ؟
كوكو : هناك جزئية أخرى لا أفهمها ..
وهى أزمنة الأفعال في هذه الآية !
فابن الإنسان نزل من السماء ،
حقيقة مفهومة بالتجسد ،
لكن هل المسيح كان قد صعد إلى السماء
وهو يكلم نيقوديموس ؟
ألم يصعد بعد 40 يوماً من قيامته فكيف يقول
" ليس أحد صعد إلى السماء .. يتكلم بزمن الماضي !
هنا سكت الخادم عن حلو الكلام وشهده
منقول لمجد الله الاعظم وخلاص النفوس