الأمثال الشعبية..
المقبول منها.. وغير المقبول
بقلم قداسة البابا شنوده الثالث
الأمثال الشعبية يعتبرها الكثيرون تراثاً وحكمة.. ويستشهدون بها في أقوالهم وتصرفاتهم.. وكثيراً ما نسمع عبارة "علي رأي المثل".
والبعض يعتبرون هذه الأمثال الشعبية لوناً من الفولكلور علي أنها في أذهان الريفيين والبسطاء قد ترقي إلي مستوي المباديء. والقيم. ويؤمنون بكل صحتها. ويرون فيها خبرة القدماء.
ولاشك أن في هذه الأمثال جانباً من الحق. ولكن ليس كلها ونحتاج هنا أن نتناولها بشيء من التحليل. لنري إلي أي مدي يمكن اتخاذها كمرشد في الحياة الاجتماعية والعلاقات بين الناس.
* من الأمثال السائرة من جهة المعرفة:
أمثال تكاد تكون متشابهة. مع الاختلاف في طريقة الصياغة: مثل "العلم في الصدور. وليس في السطور". وفي العامية يقال "المعلومات في الراس. مش في الكراس". وتماثلها عبارة "الذاكرة وليس المذكرات". وبنفس المعني تقريبا قول أحد الشعراء في أهمية حفظ المعلومات أكثر من جمع الكتب التي تضمها. وذلك بقوله:
عليك بالحفظِ دون الجمعِ في الكتبِ
فإن للكتْبِ آفات تفرقها:
النار تحرقها. والماء يغرقها
واللص يسرقها. والفأر يخرقها
***
* ومن الأمثال التي تحتاج إلي مناقشة ما قد قيل من كثيرين حول العجلة والتأني أو البطء.
* فمن المعروف جدا. المثل القائل. "في التأني السلامة. وفي العجلة الندامة". ومثلها "العجلة من الشيطان".
ويُضرب هذان المثلان بقصد التروي والتفكير وعدم التسرع.
لأن بعض الأمور التي تعمل بسرعة. لا تأخذ حظها من الدراسة وعمق التفكير.
ولكن يجب ملاحظة الفرق بين السرعة والتسرع
التسرع مذموم. ولكن السرعة قد تكون واجبة أحيانا. كالسرعة في إنقاذ إنسان في خطر. والسرعة في أداء الواجب وفي إغاثة المحتاج. وهنا أورد بيتين من الشعر. كل منهما يعارض الآخر:
* قال أحد الشعراء في التأني:
قد يدرك المتأني بعض حاجته
وقد يكون مع المستعجلِ الزللُ
فرد عليه شاعر آخر بقوله:
وكم أضرّ ببعض الناس بطؤهمو
وكان خيرا لهم لو أنهم عجلوا
* مثل آخر يقوله بعض الريفيين في الوراثة. وهو:
"اكفي القدرة علي فمها. والبنت تطلع لأمها"
فإن كانت الأم متعبة وعصبية المزاج. يتخوف الشباب من الزواج بابنتها. ولا يتقدمون لخطبتها. علي اعتبار أنها سوف تكون في نفس طباع أمها.
وهذا خطأ طبعا. فلا نستطيع أن نأخذ هذا المثل بطريقة مطلقة. فربما تكون لإحدي الأمهات بنتان. وكل منهما بطبع مختلف عن الأخري. وربما ترث إحداهما شيئاً عن أمها. ولا ترث الأخري شيئاً من الطباع. وإنما بعض ملامح من الشكل.
كذلك فإن طبع كل فتاة لا تتحكم فيه وراثة بعض من الأم!
إنما هناك عوامل كثيرة مؤثرة. منها البيئة. والمحيط العائلي علي مستوي واسع. وكذلك تأثير الثقافة. ودرجة الذكاء. وما يمكن اكتسابه من الصديقات ومن الأساتذة. ومن مراكز الشباب. ومن الإرشاد النفسي والاجتماعي ومن أسباب أخري.
وقد يكون أبوالفتاة هادئا ووديعا. وترث الابنة منه أكثر مما ترث من أمها. وتتأثر بأخلاقه الطيبة أكثر مما تتأثر بطباع الأم.
* وتوجد أمثال أخري إيجابية لوراثة العنصر الطيب. مثل "ابن الوز عوّام". و"هذا الشبل من ذاك الأسد" ولاشك أن الإنسان قد يرث عن والده أو عن والديه بعض صفاته من الذكاء. أو من الجرأة وما أشبه.. ومع ذلك لا تتحكم في هذه الأمور كلها قاعدة ثابتة.
بل قد توجد أمثال تعطي العكس تماما. مثل: "فساد العلماء في أبنائهم" أو "النار تخلّف رماداً".
إذن لا نأخذ هذه الأمثال وغيرها علي مستوي الإطلاق.
بل لكل حالة ما يناسبها. والناس يختارون من بين الأمثال ما يناسب الحالة التي يصفونها. سلباً أو إيجاب