وهم سبط لاوي ، الابن الثالث ليعقوب من زوجته ليئة . وقد اختارهم الرب لخدمته بسبب موقفهم الشجاع في أمر العجل الذهبي ( خر 32 ) . وقد عيَّن لهم الرب خدمتهم في خيمة الاجتماع . فقد أخذهم الرب بدل كل بكر في بني إسرائيل ( عد 3 : 44 ) . وقال لموسى : "قدم سبط لاوي وأوقفهم قدام هرون الكاهن وليخدموه ، فيحفظون شعائره وشعائر كل الجماعة قدام خيمة الاجتماع . ويخدمون خدمة المسكن . فيحرسون كل أمتعة خيمة الاجتماع .. فيُعطَى اللاويون لهرون ولبنيه . إنهم موهوبون له هبة من بني إسرائيل . وتوكل هرون وبنيه فيحرسون كهنوتهم ، والأجنبي الذي يقترب يقتل" ( عد 3 : 5-10 ) ، انظر أيضاً عد 18 : 21-24 ).
وفي بركة موسى الأخيرة للأسباط ، قال عن لاوي : "يعلمون يعقوب أحكامك ، وإسرائيل ناموسك . يضعون بخوراً في أنفك ، ومحرقات على مذبحك" ( تث 33 : 8-10 ، 2أخ 17 : 7-9 ) ، وكانوا يساعدون الكهنة في كل ما يتعلق بالعبادة في المسكن ، ولم يكن نصيب في أرض كنعان ، عندما قسَّم يشوع الأرض بالقرعة بين الأسباط ( يش 21 ، انظر أيضاً عد 18 : 20-24 ، تث 10 : 9 ، 12 : 12 ) ، فقد كان الله هو نصيبهم . وقد أعطاهم يشوع 48 مدينة ومسارحها في وسط الأسباط ، لسكناهم ومراعٍ لمواشيهم ، كان من بينها مدن الملجأ الست ( يش 21 ).
وعندما تمت إقامة الخيمة في البرية ، عيَّن الله لكل عائلة من عائلات اللاويين الثلاث: جرشون وقهات ومراري – الخدمات المنوطة بكل عائلة . وتذكر واجبات بني قهات في سفر العدد ( 4 : 1-20 ) . وواجبات بني جرشون ( عد 4 : 21-28 ) ، وواجبات بني مراري ( عد 4 : 29-33 ) . فكانوا يقومون بخدماتهم تحت إشراف الكهنة من بني هرون
( عد 8 : 19 ) . فكان منهم الحمَّالون والبنَّاءون والمساعدون في كل جوانب الخدمة حسب المعين لكل منهم ، لكي يتفرغ الكهنة لخدمة المذبح . ونجد مجملاً لخدمة اللاويين في قول الرب لموسى : "وكِّل اللاويين على مسكن الشهادة وعلى جميع أمتعته ، وعلى كل ما له . هم يحملون المسكن وكل أمتعته وهم يخدمونه وحول المسكن ينزلون . فعند ارتحال المسكن ، ينزله اللاويين ، عند نزول المسكن يقيمه اللاويون . والأجنبي الذي يقترب يُقتل"
( عد 1 : 50 و 51 ).
وكان للاويين مكان محدد في المحلة عند ارتحال الجماعة في البرية ، فكان مكانهم حول الخيمة مباشرة ، إذ كانوا يعتبرون حراساً لها ، يعتمد عليهم في الدفاع عنها ولو ببذل حياتهم ، لأن الرب أفرزهم لخدمته ( عد 8 : 14-19 ، 18 : 6 ) . وقد أمر الرب أن "ينزل بنو إسرائيل كل في محلته ، وكل عند رايته بأجنادهم . وأما اللاويون فينزلون حول مسكن الشهادة لكي لا يكون سخط على جماعة بني إسرائيل ، فيحفظ اللاويون شعائر مسكن الشهادة" ( عد 1 : 52 و 53 ).
وبذلك كان موقعهم بين الكهنة والشعب . وكان الجزء الأكبر من عملهم شاقاً ، ولم يكن مسموحاً لهم بالدخول لرؤية المذبح المقدس أو أن يمسوا القدس لئلا يموتوا ( عد 4 : 15). وكانوا يأخذون – مقابل خدمتهم في خيمته الاجتماع – الأعشار من كل بني إسرائيل ، ويقدمون بدورهم عشر ما يحصلون عليه للكهنة ( عد 18 : 21-28 ، تث 14 : 27-29 ).
ومن الواضح أن الواجبات التي كانت محددة للاويين ، كانت تتغير بتغير الظروف . فعندما استقرت أسباط بني إسرائيل في أرض كنعان ، وجد اللاويون أنفسهم مشتتين بين كل الأسباط على جانبي نهر الأردن ، ولم يكونوا – في غالبيتهم – قريبين من خيمة الشهادة في شيلوه ( يش 21 ) ، وهكذا لم تكن واجباتهم ومسئولياتهم هي التي كانت في أيام البرية . ولا شك في أن الذين كانوا منهم قريبين من شيلوه ، كان منوطاً بهم بعض مسئولات الخدمة في المقدس ، فقد انتهت خدمة إنزال الخيمة وحملها بعد أن استقرت في شيلوة . وهكذا عمل البعض منهم كمعلمين في المدن التي كانوا يقيمون فيها ( تث 12 : 18 و 19 ، 14 : 27 و 29 ، 2أخ 17 : 7-9 ، 35 : 3 ، نح 8 : 7 ) .
وبعد أن نقل دواد التابوت إلى أورشليم وأقام نظاماً رائعاً للخدمة ، أصبح مناللازم أن توفر عدد أكبر من المساعدين في أورشليم ( انظر 1أخ 15 : 1-15 ، 25-28 ، 2صم 15 : 24 ) ، فاحتاج الأمر إلى أعداد أكبر من اللاويين ( 1أخ 6 : 16-31 ، 15 : 16-24 ، 16 : 1 و 4 و 37-42 ).
وعندما ملك يربعام بن ناباط على الأسباط العشرة في الشمال ، كان من الواضح أنه لم يعد للكهنة واللاويين مكان في خططه للحياة الدينية للأمة ، بل أقام "كهنة من أطراف الشعب ، لم يكونوا من بني لاوي" ( 1مل 12 : 31- ارجع أيضاً إلى 2أخ 13 : 9 و 10 ). وهكذا طرد كل اللاويين من مملكته . ومن العسير تقدير ما كان لذلك من نتائج على الحالة الدينية في مملكة إسرائيل ( المملكة الشمالية ) ، فقد كان اللاويون كالملح للأمة ، لهم تأثيرهم في الحفظ من الفساد ، وحيث أنهم اضطروا لمغادرة المملكة الشمالية ، فلا عجب أن دب فها الفساد سريعاً ، حتى أوقع بها الرب العقاب على يد ملوك أشور الذين سبوهم من بلادهم . فقد كان االلاويون مكلفين بخدمة تعليم شرائع الله ( انظر مثلاً 2أخ 35 : 3 ) ، وبدون هذا التعليم، انحدر شعب يربعام إلى الوثنية وممارساتها الشريرة.
وفي أثناء حكم يهوشافاط – ملك يهوذا – كلف يهوشافاط رؤساءه واللاويين " أن يعلموا في مدن يهوذا .. فعلموا في يهوذا ومعهم سفر شريعة الرب ، وجالوا في جميع مدن يهوذا وعلَّموا الشعب" ( 2أخ 17 : 7-9 ) . ولا يمكن المغالاة في تقدير أهمية هذا العمل وتأثيره في الشعب . كما شكَّل يهوشافاط في أورشليم محكمة "من اللاويين والكهنة" ومن رؤوس آباء إسرائيل لقضاء الرب والدعاوي" ( 2أخ 19 : 8-10 ).
وعندما أراد يهوياداع الكاهن العظيم ، أن يمحو عبادة البعل التي أدخلتها عثليا الملكة الشريرة إلى أورشليم ، ساعده في ذلك "اللاويون من جميع مدن يهوذا فقضوا على الملكة الشريرة ، وأقاموا يوآش ملكاً مكانها" ( 2أخ 23 : 1-12 ).
وفي أيام الإصلاح الذي قام به الملك حزقيا ، كان اللاويون في مقدمة الحركة التي أعادت برنامج داود في العبادة الروحية ( 2أخ 29 : 12-16 ) ، فكانوا هم المسئولين عن إعادة تكوين فرق الغناء التي كان لها أثر كبير في النهضة التي حدثت ، فقد نفذوا خطة داود بكل حذافيرها ، بل قام بعض اللاويين بكتابة بعض المزامير في تلك الفترة.
وعندما تولي الملك يوشيا عرش يهوذا ، وجد من السهل عليه أن يحرك القوى التي تضمن له النهضة ، لأن اللاويين كانوا قد مهدوا الأرض لها بأمانة غير معهودة ( 2أخ 34 : 12 و 13 ) ، وبما قاموا به من تعليم الشعب ( 2أخ 35 : 3 ) ، فعلموا كل شيء "حسب كتابة داود ملك إسرائيل ، وحسب كتابة سليمان ابنه" ( 2أخ 35 : 4 ) . وهذا لا يعني التهوين من تأثير الكهنة وخلدة النبية ( 2أخ 34 : 22-28 ) ، وإرميا النبي ( إرميا 1 : 2).
ولا نعلم شيئاً – على وجه اليقين – عن عمل اللاويين وحياتهم في أثناء السبي في بابل ، حث بقي الشعب نحو سبعين سنة بلا هيكل ، في انتظار تحقيق الوعد بإنقاذهم . ولاشك في أنه كان لدانيال وحزقيال تأثير كبير على أولئك المسبيين . وفي تلك الأثناء برزت فكرة "المجمع" ، وكُتبت بعض المزامير ، ونُسخت مخطوطات الأسفار المقدسة وحُفظت ، مما يرجح معه استمرار وتقدم برنامج اللاويين في التعليم . وقد قاد زربابل الشعب في العودة إلى أورشليم ، وكان بينهم عدد قليل من اللاويين ( عز 2 : 40 و 70 ، 3 : 8-13 ، 6 : 16-20 ) . كان العدد الذي رجع مع عزرا مخيباً للأمل ، وإن كانت نسبته أكبر مما كانت في الدفعة الأولى ( عز 7 : 7 و 13 ، 8 : 15-20 و 33 – ارجع أيضاً إلى نح 11 : 18 ) . وقبل انتهاء عمل نحميا في أورشليم ، أستعيد البرنامج القديم الذي وضعه داود ، وتقدم العمل بصورة أفضل ( نح 12 : 8 و 27 و 30 و 44-47 ، 13 : 10-31 ).
وفي أيام عزرا ، وضعت مسئوليات أكثر على اللاويين ، فكانوا تحت تصرفه ، ومن كل قلوبهم قاموا بخدمة التعليم . وكان اهتمام عزرا الشديد هو نسخ مخطوطات الأسفار المقدسة ، وكان ذلك يستلزم جهداً ضخماً في نسخ هذه الوثائق وحفظها . وقد قام اللاويون بالكثير في هذا المجال وأثبتوا مقدرتهم كمعلمين ، فأخذوا على عاتقهم كل مهمة التعليم تقريباً، في الهيكل الثاني . ومن المرجح أن خدماتهم امتدت إلى المجامع.
ويعطي كاتب سفري الأخبار مكاناً بارزاً للاويين ، وكيف كانوا أدوات نافعة في عمل الرب ، فقد كانوا حراساً على تابوت العهد ، ولم يكن مسموحاً لغيرهم بحمله ( 1أخ 15 :2 ). كما اختار داود من اللاويين خداماً وجعلهم أمام تابوت الرب "لأجل التذكير والشكر وتسبيح الرب" ( 1أخ 16 : 4 ) . وما كان أعظمه امتياز أن يخدم اللاويون أمام تابوت الرب!.
وقد شهد عنهم الكتاب أنهم في أيام حزقيا الملك ، كان اللاويون "أكثر استقامة قلب من الكهنة في التقدس" ( 2أخ 29 : 34 ) . وهكذا أصبح أبناء لاوي هم معلمو الثقافة والدين . لقد كانت خطة الله أن تكون كل الأمة "مملكة كهنة" ، ومن ثم شعباً مقدساً ، وقد أصبح الكهنة واللاويون هم وسطاء العهد المقدس ( الرجا الرجوع إلى مادة "كهنوت" في هذا الجزء من "دائرة المعارف الكتابية" ).